دراسة تحليلية لأثر المتغيرات الاقتصادية الداخلية والخارجية على قطاع التجارة الخارجية الزراعية المصرية

شهد العالم خلال الآونة الأخيرة مجموعة من التطورات السريعة الجذرية والمتلاحقة والتى كان من شأنها تغيير ملامح المناخ السياسي والبيئة الاقتصادية الدولية،والذى أنعكس بدوره  على أداء الاقتصاد المصري وتعاملاته الخارجية، تمثلت هذه التغيرات فيما شهدته بداية التسعينات من انقسام ما كان يسمى الاتحاد السوفيتي إلى العديد من الدول وتحول كثيراً من دول الكتلة الشرقية إلى إتباع سياسة الاقتصاد الحر،  فضلاً عن ظهور العديد من التكتلات الاقتصادية الإقليمية و التى تنبئ عن مولد عصر الكيانات الاقتصادية الضخمة، والتى تسعى إلى زيادة حجم المعاملات التجارية فيما بينها من خلال وضع السياسات المختلفة لحماية منتجاتها فى ظل ارتفاع حدة المنافسة العالمية. هذا وقد واكب هذه التطورات مؤخراً التوصل إلى واحدة من أهم الاتفاقيات العالمية خلال هذا القرن، و هى الاتفاقية العامة للتعريفة والتجارة التي أصبحت تعرف بمنظمة الـ (GATT) في عام 1948. فقد أسسوا بذلك منظمة متعددة الأطراف وضعت القواعد التي تحكم التجارة الدولية، وفي عام 1994 انقضى عمر المنظمة لتحل محلها منظمة التجارة الدولية World Trade Organization (WTO)   التي تضم 123 دولة عضواً  تقوم مجتمعة بـ90 في المائة من حركة التبادل التجاري الدولي إضافة إلى ما شهدته الأسواق العالمية من تغيرات جذرية فى شروط التبادل التجاري بين الدول حيث تحولت من مبدأ الميزات النسبية التى قامت عليها النظرية التقليدية إلى شروط وقواعد جديدة تتفوق فيها جودة المنتجات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة الإلكترونية وتوافر اللوجستيات، ويعتبر تصديق مصر عام 2004 على اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية بالغ الأثر على نمو الاقتصاد المصري وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتوسيع مجالات التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، هذا بالإضافة إلى انضمام مصر إلى كيان السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا "الكوميسا" (Common Market for Eastern and Southern Africa (COMESA) عام 1998، والتى استهدفت قيام منطقة تجارة يتم فيها انتقال السلع والخدمات ورأس المال وتشجيع الاستثمارات والاتفاقيات الثنائية بين مصر وبعض الدول العربية، وأخيرا انضمام مصر إلى اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة" الكويز"  "QIZ"  Qualifying Industrial Zoneمنذ عام 2005.
            ومن المتغيرات المحلية التى كان لها بالغ الأثر على الاقتصاد المصرى التوجه منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضى الى إتباع برامج الإصلاح والتحرر الاقتصادي والهيكلي والاعتماد على اقتصاديات السوق بدلاً من الاقتصاد الموجه لإعادة التوازن الاقتصادي.